(الحديث السابع )
وعن أبي رُقَيَّة تَميـمٍ بنِ أَوْسٍ الـدّارِي قال: أنَّ رسـول الله قـال «الـدَّينُ النَصـِيحـَُة»، قلنا: لِمـنْ يا رسول الله؟ قـال «لله،وَلِكِتَابِهِ، وَلِـرَســــولِـهِ، وَلأَئِـمَّةِ المْسْـلِـمِـينَ، وَعَـامَّتـِهِمُ»[رواه مسـلـم].
[الشرح]
هذا الحديث حديث تميم الدّاري من الأحاديث الكلية العظيمة التي اشتملت على الدين كله؛ على حقوق الله، وحقوق رسوله وعلى حقوق عباده. فليس ثَمَّ أجمع في بيان تلك الحقوق من لفظ النصيحة.
والنصيحة هذه فَعِيلَة من النصح، وأصل النصح في لغة العرب فُسِّرَ بأحد تفسيرين:
الأول: أن النُّصح بمعنى الخلوص من الشوائب والشركة، فيقال: عَسَلٌ ناصح أو نصوح، إذا لم يَشُبْهُ شيء.
الثاني: فُسِّرَتْ النصيحة بأنها التئام شيئين بحيث لا يكون ثَمَّ تنافر بينهما، فيُعْطَى هذا الصلة بهذا حتى يكون التئام يوافق ما بين هذا وهذا. قالوا ومنه قيل للخياط: ناصح؛ لأنه ينصح الطرفين، إذ يجمعهما بالخياطة.
والنصيحة عُرِّفَتْ يعني في هذا الحديث بأنها إرادة الخير للمنصوح له، وهذا يتعلق بنصح أئمة المسلمين وعامتهم، أما في الثلاثة الأول، فإن النصيحة كما ذكرنا أن تكون الصلة بين الذاتين على التئام، بحيث يكون هذا قد أعطى حق هذا، فلم يكن بينهما تنافر، ومعلوم أنّ العبد في صلته بربه أن عليه حقوقًا كثيرة واجبة ومستحبة، وكذلك في حق القرآن، وكذلك في حق المصطفى عليه الصلاة والسلام.
فقال عليه الصلاة والسلام (الدَّينُ النَصِيحَُة) وجعل الدينَ كلَّه النصيحة؛ كما سيأتي تفصيله لأن النصيحة تجمع الدين كله بواجباته ومستحباته، ففسرها بعد ذلك بقوله (قلنا: لمن يا رسول الله؟) إلى آخر الحديث. قال بعض العلماء (الدَّينُ النَصِيحَُة) يعني أن معظم الدين وجُلّ الدين: النصيحة، وهذا على أخذ نظائره، كقوله «الدعاء هو العبادة» و «الحج عرفة» وأشباه ذلك؛ لكن إذا تأملت في كون هذه الأشياء لها النصيحة رأيت أنها جمعت الدين كلَّهُ، في العقائد، وفي العبادات والمعاملات، وفي حقوق الخلق، وحقوق من له الحق بجميع صوره.