أما مَن ليس كذلك يعني المشرك الذي أبَى أن يشهد ألا إله إلا الله، وأن يقيم الصلاة، وأن يؤتي الزكاة فهذا لا يحرم ماله ودمه؛ بل يباح منه الدم، فيقتل على الكفر؛ لأنه أصر على ذلك، يعني بعد إقامة الحجة عليه، أو بعد الإعذار؛ لأن هذه هو الأصل.
وجاء في صحيح مسلم ما هو بخلاف الأصل، أن النبي حديث ابن عباس المعروف: «أن النبي غزا قوما وهم غارُّون» يعني بدون أن يؤذنهم. وهذا كالاستثناء للأصل، وله بعض أحكامه مما هو استثناء من القاعدة، فالأصل أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يقاتل قوما حتى يؤذنهم، حتى يبلغهم، وربما فعل غير ذلك في قصة بني المصطلِق المعروفة، أنه غزاهم وهم غارُّون، في تفاصيل ذلك.
قال (فإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا ِمنيّ دِمَاءهُمْ وَأَمْوَا لَهُمْ إِلاَّ بِحَقَّ الإسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله جل وعلا) حق الإسلام يعني ما جاء في الإسلام التشريع به، من إباحة الدم، أو إباحة المال، فإذا شهدوا الشهادتين، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فإنهم إخوانُنا، فتحرم دماؤُهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، يعني إلا بما أباح الإسلام، أو شرع الله جل وعلا في هذه الشريعة أن دمهم مباح، مثل الثيب الزاني، والنفس بالنفس، وما أشبه ذلك مما هو معروف، وسيأتي بعضه في الحديث: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى الثلاث».
قال( وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله) هذا لما تقدم من أنه قد يشهد، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة ظاهرا، فنقول نقبل منه الظاهر، ونَكِلُ سريرته إلى الله جل وعلا كحال المنافقين، المنافقون نعلم أنهم كفار، لكن نعصم دمهم ومالهم بما أظهروه، وحسابهم على الله جل وعلا. بهذا نقول الكفر كفران:
1. كفر رِدّة: تترتب عليه الأحكام، من إباحة المال والدم.
2. وكفر نفاق: نعلم أنه كافر، ويُحْكَم عليه بأنه كافر، لكن لا تترتب عليه أحكام الكفر؛ لأنه ملحق بالمنافقين، وهذا معروف في تفاصيله في كلام أهل العلم.
¹