قال (وَإِقَامِ الصَّلَاةِ) التعبير عن الصلاة بلفظ (إِقَامِ الصَّلَاةِ) هذا لأجل مجيئها في القرآن هكذا)أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ([الإسراء:78]، )وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ(([1]),)الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ(([2]) ونحو ذلك من الآيات. ففي القرآن أنّ الصلاة تُقام، ومعنى كونها تقام يعني أنْ تكون على صفة تكون قائمة بإيمان العبد، وهذا هو معنى قول الله جل وعلا)وَأَقِمْ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر([العنكبوت:45]، فمن لم يُقم الصلاة لم تَنْهَهُ الصلاة عن الفحشاء والمُنكر.
(وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ) أيضاً لفظ الإيتاء المقصود به أو قيل فيه: إيتاء؛ لأجل مجيئه في القرآن.
(وَحَجِ الْبَيْتِ) كذلك.
و(وَصَوْمِ َرمَضَانَ) كذلك.
يعني اختيرت هذه الألفاظ، بلَّغها النبي هكذا لموافقتها لما جاء في القرآن فيها، فلو قيل في الزكاة: إعطاء الزكاة لجاز، ولو قيل في الصلاة: تأْدِيَة الصلاة جاز ذلك، ولكن إتباع ما جاء في القرآن أولى في هذا الأمر. هذا من جهة ألفاظ الحديث.
هذا الحديث دلّ على أن هذه الخمسَ أركانٌ، وقد ذكرتُ لك البارحة أن التعبير عن هذه الخمس بالأركان إنما هو مصطلح حادث عند الفقهاء؛ لأنهم عرَّفوا الركن بأنّه ما تقوم عليه ماهية الشيء، وأنّ الشيء لا يُتصور أن يقوم بلا ركنه. فمثلاً يقولون: البيع أركانه ما تقوم عليه ماهية البيع. لا يمكن أن تتصور بيعاً موجوداً إلا أن يكون هناك بائع ومشتري وهناك سلعة تُباع وتُشترى، يعني سلعة يقوم عليها ذلك، وهناك صيغة يعني واحد يقول: خذ وهات، أو بِعْتُ، والثاني يقول: اشتريتُ، أو ما أشبه ذلك.
فإذًا الأركان كيف نستنتجها؟ ما تقوم عليها حقيقة الشيء، تتصور شيئا، كيف يوجد؟ دعائمُ وجوده هي الأركان. النكاح مثلاً؛ أركان النكاح ما هي؟ ما يقوم عليها النكاح، ما يُتصور أن يوجد نكاح إلا بزوجين -أليس كذلك؟- وبصيغة. زوج يعني رجل وامرأة، وصيغة. هذا حقيقته يعني من حيث هو. يأتي هناك أشياء شرعية لتصحيح هذه الأركان، يقال: يُشترط في الزوج المواصفات كذا وكذا، يشترط في المرأة أن يعقد لها وليّها، يشترط في الصيغة أن تكون كذا وكذا إلى آخره، فغيرُها تكون شروطاً.
([sup][1])[/sup] المزمل:20، النور: 56، النساء:77، البقرة:110، البقرة:83، البقرة:43.
([sup][2])[/sup]المائدة: 55. الأنفال: 33، النمل:03، لقمان:04.