[الشرح]
هذا الحديث من الأحاديث الجوامع، وهو حديث النّوّاس رضي الله تعالى عنه، عن النبي r قال (البِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ) البر أنواع؛ فيكون البرّ فيما بين العبد وبين ربه جل وعلا، ويكون البر فيما بين العبد وبين الناس.
• فالبر الذي بين العبد وبين ربه جل وعلا هو بالإيمان، وإتيان أوامر الله جل وعلا المختلفة، وامتثال الأمر، واجتناب النهي، كما قال جل وعلا في سورة البقرة ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ﴾[البقرة:177]الآية، فذكر البر الذي يجب على العبد لله جل وعلا، فهذا النوع من البر يأتي في القرآن كثيرا، والله جل وعلا هو الذي جعل هذا بِرّا، فالعبد من أهل البر إذا قام بما جاء في هذه الآية، فيقال هذا من الأبرار إذا امتثل ما في هذه الآية، وابتعد عما يكرهه الله جل وعلا.
• والقسم الثاني من البر: البر مع الخلق، وهذا جماعه حسن الخلق؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام (البِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ) فجَمَعَ البر في عبارة وجيزة وهي (حُسْنُ الْخُلُقِ)، و(حُسْنُ الْخُلُقِ) كما ذكرنا لك يجمعه أنه بذل الندى، وكف الأذى، وأن تحسن إلى الخلق، وأن تجزي بالسيئة الحسنة، وأن تعامل الناس بما فيه عفو عن المسيء، وكظم للغيظ، وإحسان للخلق. فمن كان باذلا للندى، غير منتصر لنفسه، كافا الأذى، مقدما المعروف للخلق فهو من ذوي حسن الخلق فيما بين الناس، فإن جمع إليك ما يستحب من ذلك، وما يجب من حقوق العباد كان حسن الخلق عنده شرعيا.
فإذن حسن الخلق الذي يكون فيه امتثال لما جاء في الشرع من صفات عباد الله المؤدين لحقوقه وحقوق عباده، هذا يكون معه البر، فالبر إذن درجات؛ لأن الإيمان بالله والملائكة واليوم الآخر، إلى آخره، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، إلى آخره، هذا درجات، ومعاملة الخلق درجات.
فتحصَّل من هذا أن قوله عليه الصلاة والسلام (البِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ) أنّ درجة البر تختلف بإختلاف حسن الخلق، والبر إذا أردته فهو حسن الخلق؛ لأنه بذلك تؤدي حقوق الخلق الواجبة والمستحبة